النمو المعرفي عند برونر
النمو المعرفي عند برونر

النمو المعرفي عند برونر – المراحل الثلاث (الحسية، التصويرية، والرمزية)

في العام 1915م شهدت مدينة نيويورك مولد عالم النفس جيروم برونر واضع نظرية النمو المعرفي والذي تخرج عام 1937 في جامعة ديوك بولاية نورث كارولينا ومن ثم إلى جامعة هارفارد التي منحته درجة الدكتوراة في علم النفس،
تتلمذ برونر على يد الباحث كارل لاشلي ليتحول اهتمامه بعدها إلى التوسع في مجال علم النفس الاجتماعي وذلك ابان الحرب العالمية الثانية حيث التحق بالجيش في ذلك الوقت وعمل في الاستخبارات العسكرية ليتولى إدارة وتخطيط الحرب النفسية بمقر قيادة إيزنهاور ثم رجع بعدها لمتابعة ما بدأ من أبحاث في جامعة هارفارد، كما عمل لاحقا في التدريس بجامعة اكسفورد.

نشر برونر العديد من الكتب والنظريات كنظرية برونر في التربية، ونظرية النمو المعرفي، نظرية النظرة الجديدة، كتاب “عملية التربية” وغير ذلك من المؤلفات، وقد تركزت دراسات برونر للإنسان حول عملية تمثيل المعرفة، أي كيف يكتسب الأفراد المعرفة والمفاهيم العلمية وكيف يتم نقل الخبرات من المعلم للمتعلمين، تأثر برونر بدراسات من سبقوه في هذا المجال كجون ديوي وغيره، كما أبدى منهجه تأثرا واضحا بعالم النفس بياجيه ونظرية المعرفة عنده إلا أن الاختلاف بين نظرية المعرفة عند برونر ونظرية بياجيه يكمن حول دور اللغة في عملية النمو المعرفي، حيث يعتقد بياجيه أن عاملي اللغة والفكر يرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا وأن عملية التفكير تقوم على أساس المنطق، بينما يرى برونر أن اللغة لها دور أساسي في النمو المعرفي وأن عملية التفكير ما هي إلا لغة داخلية. كما يرى برونر بأثر البيئة والثقافة وتدخلها في اكتساب الأطفال للخبرات بينما يتعارض ذلك مع نظرية بياجيه التي تركت للأطفال مهمة اكتساب خبراتهم الخاصة واكتشاف ما حولهم دون تدخل.

مراحل النمو المعرفي عند برونر

قام برونر بتقسيم عملية النمو المعرفي إلى ثلاث مراحل مختلفة تتصف كل من مرحلة منها بمجموعة من الخصائص، وتتدرج هذه المراحل التي يمر بها الطفل خلال نموه المعرفي من المحسوس إلى المجرد وهي: المرحلة الحكمية، المرحلة التصويرية والمرحلة الرمزية.

المرحلة الحكمية (المرحلة الحسية، النشطة)

تعتبر المرحلة الحسية هي أولى مراحل التعلم والنمو المعرفي عند برونر، فبحسب نظريته يتعلم الإنسان في أول حياته عن طريق الحركة والفعل، فالطفل المولود حديثا يبدأ في التفاعل مع بيئته بممارسة النشاطات الحركية المختلفة كاللمس والتذوق ومحاولة الإمساك بالأشياء والتي من خلالها يستطيع التعرف على محيطه لتبدأ عنده رحلة الاستكشاف والتعلم، وفي هذه المرحلة التي تستمر من لحظة ولادة الطفل إلى عمر سنة تكون الأشياء المعروفة لدى الطفل هي كل ما يستطيع التفاعل معه حسيا وبصورة مباشرة.

المرحلة التقليدية (المرحلة التصويرية، الأيقونية)

تمثل المرحلة التصويرية المرحلة الثانية من مراحل النمو عند برونر وتمتد خلال الفترة العمرية من سنة واحدة إلى ست سنوات من عمر الطفل؛ خلال هذه الفترة يتطور النمو العقلي للفرد بحيث يعتمد النمو المعرفي واكتساب المعلومات عند الطفل على الصورة، أي ما يراه الطفل أمامه دون أن يرتبط بنشاطات حركية أو حسية.

المرحلة الرمزية

بحسب نظرية برونر تعتبر هذه المرحلة التي تبدأ من عمر سبع سنوات هي أعلى مراحل التعلم والنمو المعرفي حيث أن الطفل بوصوله إلى هذه المرحلة يستطيع التعبير عن خبراته بواسطة اللغة كما يمكنه تلقي المعلومات من خلال الكلمات والدلالات اللفظية دون الحاجة إلى مشاهدة الصور. فيصبح الطفل بعدها قادرا على التفكير العقلي ومعالجة المشاكل المختلفة.

تعددت محاولات علماء النفس والسلوك في القرن العشرين بهدف معرفة العمليات الفكرية ومقدرة العقل البشري على التعلم واكتساب الخبرات، ورغم أن هذه المحاولات قد أثمرت عدد من النظريات التي أضافت ما أضافت إلى علم النفس المعرفي والتربوي إلا أن نظرية برونر في النمو المعرفي قد تميزت واشتهرت لما قامت عليه من أساس قوي حيث شملت هذه النظرية دراسة النفس البشرية منذ الولادة مرورا بمراحل ما قبل المدرسة والمراحل الابتدائية وحتى دراسة النمو المعرفي عند الراشدين، كما ركزت نظرية برونر على تنظيم البنية المعرفية واهتمت بالنظريات التي تزيد من استعداد الطفل ومقدرته على التعلم والوسائل الى اكتساب المهارات، هذا بالإضافة لاهتمامها بمبدأ النجاح والفشل والثواب والعقاب.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *