السلوك الايجابي في التعليم عن بعد
السلوك الايجابي في التعليم عن بعد

السلوك الإيجابي في التعليم عن بعد : المفهوم، تعزيز، ومقترحات لدعم السلوك الايجابي

مع بدء ظهور كوفيد 19 ، والشروع في إغلاق المدارس والجامعات حول العالم أجمع, واجه المعلمون الكثير من التعقيدات في تقديم الدروس في الفصول الافتراضية بطريقة سلسلة وناجعة. إذ ظلوا يبذلون مجهودا مضاعفا لضبط المنصة التعليمية, وتحفيز الطلاب للمشاركة, حتى تتحقق الفائدة القصوى للدروس. فمن المهم جدا لنا كمعلمين وكأولياء أمور أن نستخدم أساليب السلوك الإيجابي لأبنائنا الطلاب, خصوصا في التعليم عن بعد, نسبة للتحول الهائل على مستوى طرق تلقي المعلومة، والتي باتت عبر شاشات الكمبيوتر أو الهواتف الذكية عبر منصات إلكترونية، لذلك نحن في حوجة ماسة للسلوك الإيجابي, وببساطة ودون أدنى شك يمكنني القول أنه بمثابة المحرك الرئيسي للعملية التعليمية, وبمثابة الوقود الذي يحترق للدفع بعربة التعليم.

المقصود بالسلوك الإيجابي في التعليم عن بعد

بشكل عام إن عملية الانتقال من فصول الدراسة إلى الفصول الافتراضية يحتاج منا كمعلمين وأٌسر لبعض الجهد والدعم النفسي والتشجيع للطلاب حتى يؤدوا أعمالهم وواجباتهم على أكمل وجه. حيث يمكن لبعض الأشياء الصغيرة أن تحدث فرقا هائلا على مستوى الشعور لدى طلابك.

تصور أن طلابك يستوعبون أنك تقدر ملاحظاتهم ومجهوداتهم؟ عندئذ وبكل تأكيد سيشعرون بالرغبة الجارفة، و يوما إثر آخر سيفكرون لينالوا إعجابك وأن يستمعوا إلى جمل الإطراء التي تقع وقعا حسنا في نفوسهم وتبهجهم, مما يجعل العملية التعليمية تبدو سلسة وممتعة وخالية من كافة المشاكل والسلوك السيء الذي كان من الممكن أن يعيق تقدمهم وتحصيلهم العام.
أنت هنا لن تكون مجرد معلم, وإنما معلم وأخصائي نفسي, يتفهم ويستوعب سلوك طلابه ويؤثر فيهم, كما أنك مؤهل وقادر على ضبط صفك الافتراضي وتهيئة الأجواء للدراسة بعيدا عن الفوضى التي كان من الممكن أن تصدر من بعض الطلاب.

وإذا ما أردنا أن نبسط مفهوم السلوك الإيجابي بعيدا عن النمطية فهو عبارة عن مجموعة من التصرفات الإيجابية التي تدفع الفرد على أن يلتزم حدوده, ولا يتعداه ليعكر صفو الآخرين بأي شكل من الأشكال. وفي نفس الوقت هو أن يكون الفرد محفزا لا مثبطا, وأن يكون مشجعا لا محبطا, وأن يكون لطيفا لا جائرا ومتعديا.

وتذكر أن أنماط السلوك الإيجابي كثيرة ولا حصر لها, تصور يا عزيزي أن مجرد ابتسامة صادقة لزميلك هو نوع من السلوك الإيجابي, كذلك الكلمة الطيبة, ومساعدة الآخرين, إضافة إلى إحترام خصوصيتهم وشخصيتهم ومستواهم الأكاديمي وشكلهم وعرقهم ودينهم وعاداتهم.

تعزيز السلوك الإيجابي في التعليم عن بعد

بعض الأفكار التي من شأنها تعزيز السلوك الإيجابي:

  • على كافة الأطراف في العملية التعليمية بدءا بالمعلمين والطلاب وانتهاءا بأولياء الأمور، إذ يتمثل في أن يتقبلوا الواقع الذي فرض عليهم بسبب الجائحة. إن محاولة رفض هذا الواقع سيخلق داخلهم شعورا سلبيا يعيقهم من تحقيق الفائدة عبر المنصات الالكترونية.
  • ينبغي على كافة الأطراف أن تعمل معا في تناغم تام, وأن يقوموا برسم خطة محكمة, وجدول دراسي مرن يشجعهم على العمل من المنزل, والاستفادة من الزمن الكبير الذي توفر عندهم. كما يمكن عقد مقارنة بين المجهود الذي كان يبذل من قبل الطلاب في الذهاب والعودة من المدرسة, وأنه حاليا تغير الوضع ويمكن إدخار المجهود في أشياء مثمرة ستنعكس على حياتهم في المستقبل القريب.
  • يجب أن لا تكون الطريقة المتبعة في التدريس جافة ومملة. إذ ينبغي أن يكون هنالك بعض المرح الذي يحمسهم على انتظار الدروس بشغف وحماس.
  • على المعلم أن يقوم بمنح بعض الوقت لكافة الطلاب, ليعددوا عدد النعم التي في حياتهم حاليا برغم الجائحة. هذا الأمر لا يمكن أن يكون قبل كل حصة, وإنما من وقت لآخر, خصوصا عندما يلحظ أن الشعور السلبي بات واضحا على قسماتهم وحركاتهم.
  • ينبغي أن يحرص المعلم على مدح الطلاب بين كل فترة وأخرى, وينبغي أن يكون المدح مخصصا وباسم محدد, وليس بشكل جماعي. كما عليه أن يحثهم على إحترام وتقدير ومحبة بعضهم البعض.
  • يمكن الإتفاق على تخصيص هدايا عينية للطلاب المنضبطين والذين يؤدون مهامهم بصورة مميزة. هذه الخطوة من شأنها أن تعزز السلوك الإيجابي, وستحث الآخرين على العمل أيضا.

دعم السلوك الإيجابي في التعليم عن بعد

فيما يلي بعض المقترحات لدعم السلوك الإيجابي في التعليم عن بعد:

  • حاول أن تشرك أولياء الأمور:

دائما استعن بأسر الطلاب وأهاليهم, مع الحرص على أن تقدم لهم النصائح وبعض الإرشادات التي تسهم في تعزيز السلوك الإيجابي وجعل عملية التعليم عن بعد أكثر فائدة. وبقدر الإمكان يتعين عليك كمعلم أن تجعل وسائل الاتصال بينكم متاحة, فهذا يشعر الطلاب وأهاليهم بالامتنان, ويعكس لهم جانبا إيجابيا مميزا منك مما يجعل البعض يسير على نفس نهجك القويم والصالح.

  • احرص على استخدام أساليب التحفيز والتشجيع:

من المهم جدا أن لا تكون معلما تقليديا, يؤدي دروسه بشكل مباشر ثم يرحل. عليك أن تكون منفتح الذهن, ومتفهما بمدى التحول الكبير الذي حصل لطلابك. إنهم بحاجة ماسة لمجهود إضافي منك. الأمر مختلف عن الفصل. هنالك كانت الأسئلة وكان العقاب حاضرا لكل مشاغب أو مهمل. هنا القيام بضبط الصف وتوصيل المعلومة بكفاءة يحتاج منك الكثير. لذا دائما احرص على أن تخاطب عاطفتهم أكثر من عقولهم عندما تضعف الهمم ويتكدر صفو القلب. العاطفة هي من تحفز الجسد للعمل, وتهيء العقل للتفكير. فتعزيز السلوك الإيجابي أمر ضروري. ويوما إثر آخر سترى الفرق, وبشكل واضح سترى تقدما كبيرا, وتفاعلا مبهرا, ورغبة مشتعلة تدفعهم لتحقيق أقصى فائدة ممكنة.

  • استخدم خطط تحقق المشاركة الفاعلة لكافة الطلاب:

مشاركات الطلاب وتفاعلهم ليس مقتصرا على وجودهم داخل الفصل فقط, وإنما ينبغي أن تنتقل إلى منصات التعليم عن بعد. ترك الطلاب على الاستماع فقط سيشتت انتباههم, ويضعف همتهم, ويكسر شوكة عزمهم. لذا ينبغي أن يكونوا جزءا رئيسيا من الدرس عبر التفاعل والمشاركة. إن مشاركة الطالب في الإجابة وتنفيذ الأنشطة ينمي ثقته بنفسه وتصبح نظرته إيجابية للغاية حول عملية التعليم عن بعد. إنه أثر بسيط, لكن قيمته لا تضاهى على الإطلاق.

  • احرص على أن تضبط صفك الإفتراضي:

علينا أن ندرك أنه هنالك العديد من الحواجز والعراقيل المحتملة التي من شأنها أن تعكر الصفو, وتعيق تحصيل الفائدة العامة من التعليم عن بعد. إذ يمكن للضوضاء والهمز واللمز الجانبي أو كثرة الحركة للطلاب في الخلفية الرئيسية للمنصة التعليمية أن تؤثر على قدرة بقية الطلاب على التركيز. لذلك احرص قبل بدء الدرس على أن تمنح كافة الطلاب وقتا معينا لترتيب أمورهم وإغلاق الهواتف النقالة والتلفاز والابتعاد عن كافة الملهيات والمشتتات التي في المنزل, وحثهم على المكوث في مكان هادىء في المنزل. هذه الخطوة ستخاطب عقولهم وتعكس لهم جانبا إيجابيا يتمثل في الجدية والإلتزام.

ختاما, عليك أن تتذكر أنه داخل كل منا سلوك سلبي وسلوك إيجابي, لكن ما الذي يدفع البعض منا لإظهار السلوك السلبي فقط؟ بلا شك هنالك الكثير من العوامل, لكن أهمها هو أن يحاط الشخص منا بمثل هؤلاء السلبيين في سلوكهم وتدفعهم للقيام بتصرفات خاطئة في حق الآخرين. تصور أن فصلا دراسيا يحتوي على بعض هؤلاء الطلاب, أظن أنك ستوافقني الرأي أنه يمكن أن تنتقل العدوى للبعض الآخر. لذا علينا أن نحيط أنفسنا بأشخاص مميزين في سلوكهم, وأن نتعلم منهم, ونتبع ما يقومون به من سلوك إيجابي.

وتذكر أن الكثير من العادات والسلوك السيء يمكن أن ينمو داخلك. هذا أمر خطير بكل تأكيد. لذا علينا أن نكون لطيفين ومهذبين على الدوام, وأن نحترم الآخرين مهما كان لونهم وشكلهم ودينهم وثقافتهم ومستواهم الأكاديمي. علينا أن نحترم آدميتهم وانسانيتهم بغض النظر عن أي شيء آخر، وأن نلتزم حدودنا فقط.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *