التنمر الإلكتروني في التعليم عن بعد
التنمر الإلكتروني في التعليم عن بعد

التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد : التعريف، التأثير على الطلاب، والعلاج النهائي

ماهو التنمر الإلكتروني في التعليم عن بعد

عزيزي القارئ في حال أردنا أن نعرف التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد, فبشكل عام هو المضايقات التي يمارسها طالب ضد آخر بطريقة متعمدة ومزعجة ومتكررة، للتحكم به أو إلحاق الضرر به, أو لمجرد أن يوضح للآخرين سطوته وقوته. وقد يأخذ صورا وأشكالا كثيرة مثل نشر الشائعات في المجموعات والقروبات الأكاديمية التي تجمع كافة طلاب الصف, أو التهديد بالعنف البدني عند اللقاء, أو المضايقات التي تكون بهدف السخرية بسبب الشكل أو الضعف في المواد الدراسية، أو نشر صور لا يرغب الشخص بأن يراها الآخرين. ليس هذا فحسب وإنما هنالك عشرات النماذج والأمثلة لأشكال التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد. لكن بشكل عام هذه لمحة مبسطة عن المفهوم.

الأمر الآخر الذي يفاقم من خطورة التنمر الالكتروني هو أن المتنمر يمكن أن يكون مجهول الهوية وأن يتخفى تحت أي اسم آخر،خصوصا إذا كان حقا في التقنية، ويظل يمارس مضايقاته للطلاب الآخرين, وقد يصل الأمر إلى ابتزازهم في حال عدم الرضوخ لطلباته وأوامره, وقد يستجيب بعض الطلاب ويرضخون له خصوصا إذا كان يملك ضدهم صورا شخصية أو أية بيانات أخرى.

الجدير بالذكر أنه وحسب العديد من الأبحاث والتقارير الموثوقة والمعتمدة فإن هنالك نسب ومعدلات مهولة للتنمر وسط الطلاب. وبدون أدنى مبالغة تشير الإحصائيات أن كل طالب في مرحلة ما من مراحله الدراسية قد تعرض للمضايقة. وهنا تتجسم حقيقة المعضلة ومدى تفشيها وانتشارها بشكل مخيف في أوساط الطلاب. وهنا ينبغي أن نتساءل هل هؤلاء الطلاب المتنمرون ولدوا متنمرين مثلا، أم أن التنمر شيء يكتسبه الطالب نتيجة لظروف معينة؟ .. بكل تأكيد لا أحد يولد متنمرا, لكن كل طفل يكتسب السلوك الذي تربى عليه في أسرة مشحونة بالعنف, أو يتعلم من طلاب آخرين تنمروا عليه هو نفسه، أو نتيجة لظروف خاصة عاشها المتنمر.

تأثير التنمر الإلكتروني في التعليم عن بعد على الطلاب

ومما لا شك فيه أن التنمر الالكتروني لن يمر مرور الكرام دون أن يترك بصمته في حياة الطالب, خصوصا إذا رضخ الطالب وصمت ولم يصارح شخص موثوق؛ بما يجري معه. هذه البصمة أو الأثر يختلف من طالب إلى آخر, حسب الشخصية والخلفية الأسرية. لكن بشكل عام يمكننا أن نستعرض معكم بعض آثار التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد:

  • تهتز ثقة بعض الطلاب بأنفسهم بدرجة مخيفة ومن ثم يميلون للوحدة والصمت.
  • يفقد بعض الطلاب التركيز في المادة الدراسية , ويكون شارد الذهن وتائها في عوالم بعيدة لا تمت بصلة بمحتوى الدرس.
  • تدهور المستوى الأكاديمي بشكل ملحوظ.
  • من المحتمل أن يؤثر التنمر الالكتروني على الصحة النفسية للطالب, خصوصا إذا تكرر الأمر وزاد عن حده.
  • يفكر بعض الطلاب في الانتحار بسبب شعوره بالنقص والضعف، وأنه غير محمي لا من أسرته ولا من معلميه.

بعض مظاهر التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد:

  • مقاطعة الطلاب لبعضهم البعض عند الحديث بطريقة متعمدة الهدف منها إثارة الضحك أو الهزل أو إثارة غضب الطرف الآخر.
  • أن يقوم أحد الطلاب بأخذ التحكم ومحاولة تغيير موضوع الدرس.
  • أن يتبارز الطلاب بالإساءة والتجريح واستخدام أساليب غير لائقة في العملية التعليمية.
  • المقاطعات المتعمدة التي تحدث أثناء حديث طالب معين.
  • التعليقات الجانبية في مواضيع خارجية لا تمت بصلة عن محور الدرس.
  • نشر المتنمر صور خاصة في منصة التعلم عن بعد.

علاج التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد

باعتبار أن التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد مشكلة مجتمعية بامتياز, وليست مجرد ظواهر عابرة, فهنا ينبغي أن نتوقف قليلا, لأن ناقوس الخطر يحيط بأطفالنا من كل حدب وصوب. فما هي الخطوات الحقيقية والجادة التي يمكن لها أن تكون ناجعة لوضع حد لهذه المشكلة الكبيرة التي يمكنها أن تدمر حياة أطفالنا للأبد. وبكل تأكيد نظرا لاستفحال المعضلة وعدم بساطة الأمر, فإن التنمر يحتاج لتضافر الجهود من عدة جهات, بدءا بدور الأسرة ودور المدرسة, وانتهاءا بدور المجتمع.

أولا: دور الأسرة, ويتمثل في التالي:

  • أن يقوم الوالدين بتصفح المواقع والقروبات التعليمية التي يتواجد بها ابنهم والتأكد من خلوها من كافة المظاهر السالبة التي من شأنها أن تضعف العامل النفسي له.
  • محاولة بناء ثقة قوية مع ابنهم وتوعيته بمدى ضرورة أن تكون هنالك جسور تواصل متينة مبنية على الثقة فيما بينهم, وأن يبادر لهم بطرح كافة المشاكل والمضايقات التي تواجهه في مسيرته التعليمية.
  • أن يكون للأسرة تواصل مباشر مع إدارة المدرسة, واخطارهم بكافة المظاهر السالبة التي تحدث مع ابنهم, وينبغي عليهم أن لا يتساهلوا مع الأمر حتى يضعوا نهاية جزرية للمشكلة.
  • دعم الابن وتحفيزه وتوعيته حتى لا ينتكس نفسيا في حال تعرضه للتنمر.
  • على الأسرة أن تجتهد كي تكون قريبة من ابنهم بكافة السبل الممكنة, لأن شعوره بالوحدة وأن لا أحد يدعمه قد يفاقم المشكلة بدرجة كبيرة.

ثانيا: دور المدرسة، ويتمثل في التالي:

  • أن يكون للمدرسة برنامجا ثقافيا، توعويا بشكل دوري, حيث ينبغي عليهم شرح ماهية التنمر، ومدى خطورته على الجانب النفسي للضحية, ومدى الجرم الكبير الذي يرتكبه المتنمر. كما ينبغي شرح كيفية التعامل مع المتنمر، وكيفية وضع حد جزري للمشكلة وذلك أولا بالإفصاح والتحدث مع المعلم ومن ثم مع الأسرة.
  • تأهيل بعض المعلمين وتدريبهم للتعامل بشكل لائق مع الطلاب الذين تعرضوا للتنمر.
  • تحفيز كل طالب يبلغ عن متنمر, وتشجيعه وحث الآخرين على أن يسيروا على ذات نهجه.
  • أن تقوم إدارة المدرسة بسن قوانين وعقوبات رادعة في حق المتنمرين وعدم التهاون مطلقا.
  • أن تكون هنالك رقابة من قبل المعلمين على منصات التعليم عن بعد، و الخاصة بتبادل المعلومات.

ثالثا: دور المجتمع ويتمثل في التالي:

  • أن تكون هنالك جمعيات وورش عمل دورية لتوعية المجتمع بمشكلة التنمر الالكتروني في التعليم عن بعد, خصوصا مع التحول الرقمي الهائل الذي يشهده العالم بسبب كوفيد 19 وبسبب التقدم التقني.
  • أن يتم ربط المجتمع بأفراد مختصين وأطباء نفسيين, يمكن ويسهل التواصل معهم. وذلك لعرض المشاكل التي يتعرض لها أبنائهم أو لمجرد الاستشارة وزيادة الوعي حول ظاهرة التنمر.

ختاما إن ظاهرة التنمر ليست حدثا عابرا أو مشكلة لحظية, وإنما هي بمثابة وحش يطارد الطلاب حتى مراحل متقدمة من حياتهم, خصوصا إذا أخفى الطالب حوادث التنمر التي تعرض لها, ولم يتحدث بها مع أحد. فهنا يمكن للمشكلة أن تتفاقم, مما يجعله عرضة للعزلة, ولا محالة ستهتز ثقته بنفسه, ولن يكون قادرا على الانخراط بشكل طبيعي في المجتمع مرة أخرى. لذا لابد أن تتضافر الجهود من كافة الجهات التي لها علاقة بالطالب بدءا بالمدرسة و انتهاءا بالأسرة والمجتمع.

ونظرا لحقيقية التحول الرقمي الهائل, والتقدم التكنولوجي الكبير, فإن التعليم الإلكتروني عن بعد سيكون له شأن كبير, وحتما سيغدو قبلة لمعظم الطلاب. لذلك علينا أن نكثف جهودنا حتى نتمكن من حماية أبنائنا الطلاب, وجعل عملية التعليم الالكتروني جاذبة وخالية من كافة أنواع المشاكل والمضايقات التي قد تعيقهم عن تحقيق أهدافهم الأكاديمية.

كما يجب أن نعرف ونوعي أبنائنا بشأن التنمر, وأن نخبرهم بكيفية التعامل مع الأمر دون أن يخطر في بالهم إخفاء المشكلة والتهرب من المواجهة مع الأسرة أو مع المدرسة, وعلينا أن نفهمهم ونوعيهم بأن خطوة اقبالهم على التحدث حول المشكلة التي تعرضوا لها, وكشفهم عن شخصية المتنمر من شأنها أن تحمي الكثير من الطلاب الضعفاء الذين هم في حاجة ماسة للحماية, كذلك من شأنها أن تردع كل طالب سولت له نفسه على التنمر في المستقبل.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *