مشكلة اختيار التخصص الجامعي: الأهمية، المعوقات، وخطوات الاختيار الصحيحة

بلا أدنى شك إن من أكثر الصعوبات والتحديات التي تواجه طلاب الثانوية الذين يتأهبون لدخول الجامعة؛ هو كيفية اختيار التخصص المناسب والجامعة الملائمة التي يمكنها تلبية رغباتهم المستقبلية. حيث تشكل لهم هذه الخطوة المحورية تحديا كبيرا، وتضعهم تحت ضغوط لا حصر لها، وتجعلهم يحملون هموما لا قبل لهم بها، وذلك باعتبار أن خطوة اختيار التخصص الجامعي بمثابة حجر الأساس الذي سيستند عليه الطالب في بناء مستقبله.

قد تتأرجح رغبة هؤلاء الشباب وتتداخل بين رغبتهم الأكيدة لدراسة تخصص معين يرونه مناسبا وملائما لمهاراتهم وإمكانياتهم، وفي الجانب الآخر تقف رغبة الأهل وإلحاحهم على أن يلتحق أبنائهم بتخصص معين يرونه لائقا. وهنا يكون الشباب في حيرة كبيرة، ولا ينفك يفكر في إيجاد حل أمثل لمأزقه الراهن. إنه يقف في منتصف طريقين لا يشتركان ولا يتشابهان في شيء. طريقه الخاص، وطريق الأهل.

لكن هنا لابد أن نتساءل عن أي الطريقين قد تمت دراسته جيدا، وتم تكوين خلفية وصورة جيدة حوله، وتم اختياره وفق أسس معينة. وبكل تأكيد هذا هو الطريق الذي ينبغي أن يسلكه الشاب، وليس الطريق الذي تم اختياره بشكل عفوي دون دراسة ودون تكوين خلفية وجمع معلومات كافية حوله.

لذا ينبغي على أولياء الأمور التأني ودراسة إمكانيات أبنائهم، ومعرفة مهاراتهم والجوانب التي يتميزون فيها، كما أن عليهم السعي بشكل جاد وطرح الأسئلة للخبراء والمختصين حول أي تخصص يرونه مناسبا، لأن هذه الخطوة مهمة للغاية للاختيار السليم والمناسب لقدرات الطلاب، وملائمة رغباتهم الشخصية، مما يجعلهم سعيدين وشغوفين وطموحين للنجاح والتفوق في تخصصهم الجديد.

أهمية اختيار التخصص الجامعي

  • تجعل الطالب راغبا ومتحمسا للتطور في مجاله، وتجعله عازما على الترقي في السلم الأكاديمي حتى الحصول على أعلى الشهادات في التخصص الذي يحبه.
  • التخصص الذي يختاره الطالب بناء على رغبته تجعله قادرا على الإبداع والعمل بحماس وشغف، حتى يصل مرحلة متطورة في مجاله تجعله قادرا على نفع نفسه وأهله ومجتمعه.
  • تجعل الطالب يجتهد كثيرا ويحصل على درجات ومعدلات عالية.
  • تمنح الطالب الشعور بالرضى وتجعل من كل خطوة يخطوها في مجاله ممتعة ومبهجة للحد البعيد.
  • تجعل من سنواته الدراسية ذات قيمة كبيرة، وتدفعه أن ينجز خلالها بدافع الرغبة والمحبة الحقيقية وليس لأي دوافع أخرى.
  • تزرع داخل الطالب الرغبة لحضور المحاضرات إضافة للمؤتمرات والفعاليات التي لها علاقة بتخصصه.

المعوقات التي تواجه الطالب عند اختيار التخصص الجامعي

  • قيام الأهل بجبر أبنائهم على اختيار تخصص معين دون معرفة مهاراته وما يلائمه حقا، ودون معرفة التخصص الذي يرغب فيه، ودون تكوين خلفية جيدة وفق أسس منهجية تبرر لهم ما دفع أبنائهم على اختيار هذا التخصص بعينه.
  • غياب التوجيه الممنهج من الأسرة والمدرسة والمجتمع، مما يدفع الأبناء إلى التخبط والتوهان.
  • نظرة بعض الطلاب القاصرة عن التخصصات الجامعية وعن التخصص الذي يناسبهم حقا، مما يجعلهم مندفعين لاختيار تخصصات بعيدة كل البعد عن متطلبات سوق العمل.
  • وجود نوع من المنافسة غير المنهجية بين الجامعات والكليات، وغياب التنسيق فيما بينهم، حتى يكونوا في أهبة الاستعداد لتقديم التوجيه والنصح والإرشاد الذي كان ينبغي أن يقوموا به.
  • التكاليف الباهظة في بعض الجامعات، مما يجعل بعض الطلاب الذين لديهم رغبة الالتحاق بها عاجزين ومحطمين ويائسين.
  • عدم اقتناع بعض الطلاب بالتخصصات المطروحة، دون معرفة نفسه ومعرفة مهاراته ومقدراته.
  • غياب الحاضنة المجتمعية التي كان ينبغي لها فك الحيرة التي تحيط بأبنائهم ومساعدتهم مساعدة منهجية دون تسلط أو تدخل.

كيفية اختيار التخصص الجامعي

  • ينبغي على الطالب أن يكون لديه الاهتمام والرغبة الحقيقية بمجال تخصصه، فالرغبة هي الوقود الرئيسي الذي سيدفعهم للنجاح والترقي في السلم المعرفي والأكاديمي.
  • ينبغي على الطلاب معرفة أنفسهم أولا وبناء على معرفة النفس يكونون ملائمين لتخصصات بعينها.
    فمثلا هنالك شخص ضالع بالبرمجة ومهاراته لا بأس بها, فهنا لابد أن يختار تخصص له علاقة بالحاسوب. أما إن كانت لدى الشخص بعض المهارات في الكتابة والخطابة فينبغي له أن يختار تخصص الإعلام أو الأدب.
  • هنالك العديد من الطلاب تدفعهم القيم السامية، مثل مساعدة الآخرين وخدمة المجتمع. هؤلاء الأنسب لهم اختيار التخصصات الطبية.
  • مكانة التخصص في سوق العمل من أهم معايير اختيار التخصص الجامعي، لذا ينبغي على الطالب معرفة طبيعة التخصص الذي يرغب بدراسته ومعرفة فرص العمل فيه، وما مدى مستقبل هذا التخصص.
  • العائد المادي المتوقع الذي سيتحصل عليه الشخص من التخصص الذي سيختاره. هذا المعيار من الأهمية بمكان ليعكس للطالب وضعه المادي والاجتماعي بعد التحرج.
  • لابد أن يخطط الطالب لمستقبله الذي سيبنيه عبر التخصص الذي يختاره، لذا ينبغي أن يخطط ويفكر بشكل منهجي وعلمي. حيث يعتبر التخطيط من المعايير الجوهرية التي تسهم في استبعاد تخصصات معينة، واختيار تخصصات أخرى لها قيمتها الفعلية والحقيقية.
  • نتيجة الثانوية العامة ليست بتلك الأهمية التي يمكن أن تقيدك وتفرض عليك دخول كليات معينة وعدم إمكانية دخول تخصصات أخرى. حيث بات العالم منفتحا، ويمكن لأي طالب أن يدخل التخصص الذي يرغبه في الكثير من الدول إضافة للكليات الخاصة التي يمكنها تحقيق حلمه.

العوامل المؤثرة في اختيار التخصص الجامعي

  • ميول الطالب لتخصص بعينه.
  • الأهداف التي يمكن للطالب تحقيقها عبر التخصص المعني.
  • مجموعة القيم التي تدفعه لاختيار تخصص بعينه، مثل اختيار التخصصات الطبية لرغبته في مساعدة المجتمع وخدمة الفقراء، فهذه القيمة السامية من شأنها أن تجعل الطالب يرغب في تخصص معين فقط.
  • قدرات الطالب الشخصية ومهاراته الحقيقية تؤثر حتما في اختياره لتخصص دون آخر.
  • مدى توفر فرص العمل في التخصص الذي سيختاره الشخص.

خطوات اختيار التخصص الجامعي

  • ينبغي على الطالب تحديد ما يريده أولا ومعرفة ما يناسبه ويلائمه، حيث هنالك الكثير من المواقع والمؤسسسات التي تقدم المساعدة في هذا الشأن.
  • يجب على الطالب أن يقوم بجمع المعلومات الكافية عن التخصص الذي يرغب في الالتحاق به. مثل معرفة المواد التي سيدرسها في التخصص، وما هي الشروط اللازمة للالتحاق بالتخصص، وما نوع المؤهل الذي سيحصل عليه الطالب بعج تخرجه، وما مدى مستقبل هذا التخصص.
  • ينبغي على الطالب أن يكون مرنا في عملية التقديم والالتحاق بالجامعة، ولابد أن يضع تخصصات بديلة؛ لها علاقة بالتخصص الذي يرغب فيه حتى لا يفقد الفرصة كليا.

في النهاية يجب على كل طالب أن يكون واعيا بأهمية اختيار التخصص الجامعي؛ وأن لا يتساهل مع الأمر. ففي هذه الخطوة يكمن مستقبل كامل. تكمن أحلام مؤجلة منذ الطفولة وأهداف مرجوة بفارق الصبر. إنها الخطوة التي ستحدد من أنت ومن ستكون في المستقبل القريب. لذا ينبغي عليك عزيزي الطالب أن تتأنى أولا، وعليك أن تسعى جادا لجمع معلومات كافية وتكوين خلفية جيدة حول التخصص الذي يطرق ذهنك. حيث أن هذه المعلومات والأسئلة التي ستطرحها لأصحاب الخبرة والمعرفة من شأنها مساعدتك كثيرا في توضيح معالم التخصص الذي في ذهنك، وما إذا كان ملائما لك بالفعل أم إنه تخصص بُنيّ على افتراضات بعيدة كليا عن الواقع.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *