لوحة تعزيز المجموعات – تعريفها، أهدافها، ونماذج مبتكرة

لوحة تعزيز المجموعات – بلا أدنى شك إن الغاية التي ينشدها كل معلم يعمل بالحقل التعليمي، هو أن تكون المعلومة التي يقدمها مفهومة وواضحة، وتترسخ في أذهان طلابه بصورة جيدة. هذا الوضوح والفهم وترسيخ المعلومة لا تعتمد على شيء واحد، وإنما على مجموعة من الأشياء. ولا تتحقق بدرجة كبيرة إلا حينما تجتمع معظم هذه الأدوات وتعمل معا بفعالية كبيرة، حتى يتحقق حلم التفوق والنجاح. هذه العوامل والأدوات ورغم توفرها، وعدم احتياجها لمقدرات خارقة، إلا أن المعلمين الذي يعتمدون عليها ليسوا كثر.

وبالطبع هذا يرجع إلى عدم مواكبة مجموعة كبيرة من المعلمين بأساليب التدريس الحديثة التي أحدثت طفرة وثورة كبيرة في مجال التعليم، وكما يتضح أنهم بعيدين بدرجة ما، عن البحث والتنقيب ومحاولة التطوير المستمر، وإدخال التقنيات الحديثة في أساليب وطرق تدريسهم.

وهنالك نوع آخر من المعلمين يعتبر هذه الأساليب والاستراتيجيات محض مضيعة للوقت، وليس ثمة فائدة مرجوة منها، وهنا نلاحظ مدى محدودية عقل هؤلاء المعلمين، ومدى إنغلاقه على ذاته. وثمرة هذا الإنغلاق بلا شك هو خلق بيئة دراسية مملة وخانقة. بيئة غير محفزة للعمل، مكتظة بالملل، تخنق الطلاب بحبال اليأس والرتابة، وتغرقهم في بحار من التقليدية التي لا تدفعهم إلى الأمام. ونتيجة لمثل هذه التفاصيل يهرب بعض التلاميذ بشكل يومي من فصول الدراسة الرتيبة، وبعضهم يهرب من الحياة التعليمية كلها بلا رجعة.

لكن المعلم الواعي برسالته، والمستنير عقليا، يدرك مثل هذه التفاصيل ويضعها نصب عينيه، ويعرف مدى فعاليتها وتأثيرها على طلابه، ومدى قدرتها على تنمية مهاراتهم المختلفة، والارتقاء بمستواهم الأكاديمي إلى مراحل متقدمة ومبهرة. وهنا تكمن قيمة المعلم الواعي وقيمة المواكبة ومحاولته المعتبرة للخروج من نفق التقليدية إلى رحابة الحداثة، لذلك فهو دائم الحرص على استخدام جميع الأساليب والوسائل المتاحة التي توصله إلى تحقيق هدفه المنشود، والوصول بطلابه إلى قمم النجاح والتفوق ليس خلال المرحلة الدراسية فقط، وإنما في مراحل حياتهم كلها.

ومن هنا كان لا بد من استعمال وسائل جديدة لتشجيع الطلاب، وتحفيزهم، والرقيّ بهم، وغرس الطموح والثقة في أنفسهم. وخلال هذا المقال سنحاول ما أمكن مساعدة أولئك المعلمين الأكفاء، المنشغلين بتحديث وتطوير أدواتهم. وسنتعرّف معا، على بعض طُرق التّعزيز المُبتَكرة، وتسليط الضوء على بعض لوحات التعزيز، التي من شأنها تحريك المياه الراكدة في فصولهم الدراسية.

ما هي لوحة تعزيز المجموعات؟

التعزيز من الأساليب المهمّة والضرورية في التدريس، وببساطة يمكننا القول أن التعزيز هو التأييد والتشجيع والتحفيز المستمر على أداء الطلاب في الفصل. وهو بمثابة هدية نوعية مختلفة، أو نوع من الثواب على إجابات الطلاب المتميزة، أو مواقفهم السلوكية الإيجابية.

الجدير بالذكر أن للتعزيز وسائل وطرق شتى، وتعتمد في أساسها على إبداع المعلم، وقدرته على التأقلم الإيجابي، وعلى استخدام هذه الأساليب بفعالية، وتحقيق أقصى درجات الفائدة منها. حيث أن للتعزيز قيمته التعليمية والسلوكية، وله آثار عظيمة على التلاميذ وعلى مستواهم الدراسي.

كما أن التعزيز عبارة عن طريقة مبتكرة وخلاقة، وبمثابة بستان من الإبداع في رصد ومتابعة تطور الطلاب سلوكيا وأكاديميا ونفسيا وعقليا. حيث يتحول من خلاله التعليم إلى نوع جديد ومختلف تماما، ويخلع ثياب التقليدية المملة، ثم يرتدي ملابس زاهية تتسم بالحيوية والنشاط، والتشويق، والمتعة، وإثارة الدافعية والرغبة.

نماذج مبتكرة للوحة تعزيز المجموعات

  1. لوحة شجرة النجوم: في البداية يتم صنع لوحة شجرة النجوم. ومن ثم يتم تهيئة الطلاب. بحيث كلما يجيب الطالب إجابة صحيحة، أو حتى يبادر مبادرة ايجابية، يتم تعزيزه بالنجوم، وفي النهاية من يحصل على أكبر عدد من النجوم تتم مكافأته، وذلك بجعله يرتدي وشاح أمير النجوم. ومن ثم توضع صورته على لوحة الشرف. وفي حال كان نشطا للغاية يمكن أن يمنح هدية خلال الطابور الصباحي؛ حيث يؤدّي ذلك إلى خلق روح من التنافس الإيجابي بين الطلاب، والدفع بهم للمشاركة ومحاولة التفاعل مع المعلم ومع أقرانه. وسيكون دافعه الأول هو محاولة المشاركة بحماس وجدية، ومن ثم الحصول على أكبر عدد من النجوم، والوصول إلى وشاح الأمير.
  2. لوحة بنك التفوق: هو عبارة عن لوحة مكونة من جيوب بلاستيكية. هذه الجيوب البلاستيكية يجب أن تكون بعدد طلاب الصف. وعندما يقوم الطالب بالوصول إلى الإجابة الصحيحة يتم منحه شيكا، يتم صرفه من قبل معلم الصف، كما يتم وضع القطعة المعدنية التي حصل عليها داخل الجيب البلاستيكي المخصص له. ومن ثم يقوم المعلم بتدوينه في السجل الخاص بالطالب، مع مراعاة تاريخ الإيداع، والمبلغ، وفي نهاية الأسبوع يكافأ الطالب الذي حصل على أكبر رصيد بهدية قيمة. إضافة إلى عمل ورقة مخالفة للطالب الذي يخرج منه أي سلوك خاطئ، ويخصم من رصيده في البنك، ثم يُدون تاريخ المخالفة، وقيمة المبلغ المخصوم. وهنا نلاحظ مدى فعالية بنك التفوق على تشجيع الطلاب على التنافس والمشاركة والتفاعل، أيضا مقدرتها الكبيرة على تعليم الطلاب كيفية التعامل مع النقود وتعليمهم طرق التوفير، وكل ذلك يتم في حال رضخ الطالب لللوائح وإلتزامه بالسلوك القويم.
  3. لوحة أكياس الهدايا: في لوحة تعزيز الهدايا يتم وضع كيس لكل طالب على لوحة الهدايا، وعندما يقوم الطالب بإنجاز مهمة ما، أو الوصول إلى إجابة صحيحة، أو تحقيق درجة كاملة في أي من الأنشطة المختلفة داخل الفصل، مثل: حفظ سورة، حفظ نشيد، أو تحقيق الدرجة الكاملة في الإملاء. حيث توضع كرة واحدة نظير إجاباته المتميزة داخل كيسه المخصص، وعند نهاية الأسبوع يتم إحصاء عدد الكرات التي تحصل عليها كل طالب، وفي النهاية تتم مكافأة الطالب الذي حقق أكبر عدد من الكرات.
  4. لوحة سفينة المتفوقات: في سفينة المتفوقات يتم رسم سفينة للطلاب المتفوّقين على لوحة كبيرة، وذلك باستخدام ألوان جميلة، وفاتنة من شأنها تضفي البهجة على نفوس الطلاب. بعد ذلك يتم تخصيص زاوية ما في اللوحة لوضع صور التلاميذ عليها، ثم تُرسم نافذة فوق كل صورة. ونظير كل مرة يقوم فيها الطالب بالمهام التي يطرحها عليهم المعلم، سواء أسئلة أو تسميع أو إملاء، يتم وضع نجمة داخل النافذة المخصصة له. وفي نهاية الأسبوع أو الشهر يتم إحصاء النجوم، ومن ثم يكافأ الطالب الذي تمكن من الحصول على أكبر عدد من النجوم.
  5. لوحة الأكواب الذهبية: في لوحة الأكواب الذهبية يتم وضع كوب لكل طالب على لوحة، ويرقم هذا الكوب برقم معين، حيث ينبغي لكل طالب حفظ رقم الكوب المخصص له. بعد ذلك يتم وضع سلة مليئة بالأحرف الهجائية ذهبية اللون، وفي حال قام الطالب بجميع مهماته بشكل صحيح، يتم منحه حرفا أو أكثر. وفي نهاية الشهر تتم مكافأة الطالب الذي تمكن من الحصول على أكبر عدد من الحروف الذهبية المرتبة.
  6. لوحة لآلي التميز: تتكون لوحة لآلي التميز من عدة أصداف، بحيث يكون عدد الأصداف مماثل لعدد التلاميذ في الفصل. حيث يتم وضع كيس أسفل كل صدفة. ومن ثم تعزز مبادرة التلميذ وقيامه بالمشاركة والإجابة، وذلك بوضع لؤلؤة في كيسه . بعد انقضاء أسبوعين يتم فرز الأكياس، وإحصاء اللآلي التي جمعها كل تلميذ، ومن ثم يتم تحفيزه. حيث تشجع لآلي التميز الطلاب، وتنمي داخلهم روح الإبتكار وتحثهم على بذل المزيد من الجهد حتى الوصول إلى المبتغى المنشود، بتحصيل نتائج متميزة.
  7. لوحة عناقيد العنب: في لوحة عناقيد العنب يتم تخصيص عنقود عنب لكل طالب، وبجانبه صورته. بعد ذلك تكون مرحلة العمل، بحيث يقوم المعلم بتلوين حبة من قطف العنب عندما يصدر سلوك إيجابي أو إبداعي من طالب ما، أو تمكنه من الإجابة، أو تحقيقه الدرجة الكاملة في الإملاء. في النهاية من يستطيع جمع أكبر عدد من حبات العنب الملونة يتم منحه هدية معتبرة.

أهداف لوحة تعزيز المجموعات

  • إن أكثر فائدة ممكنة من عملية التعزيز على الطلاب، هو جعل المدرسة صديقة جيدة للتلميذ.
  • التطور والتقدم والرقي الأكاديمي لدى التلاميذ، وذلك من خلال خلق روح التنافس والمشاركة عند الطلاب.
  • الإسهام في تعديل سلوك الطلاب وتنمية الوعي عندهم، كذلك الحد من المظاهر السلوكية السلبية التي قد تظهر في بعض الفصول التقليدية.
  • تنمية روح التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب وخلق أواصر الصلة والمودة والمحبة بين بعضهم البعض، ومع المعلم أيضا.

في النهاية نلاحظ مدى أهمية وضرورة لوحة تعزيز المجموعات، وكيف جعلت من الفصل كتلة من النشاط والحيوية، وخلقت داخلهم الرغبة للتعلم والقيام بالواجبات بأكمل وجه ممكن، وذلك نظرا للتحفيز والمكافأة التي تنتظرهم. أيضا تحولت العملية التعليمية إلى ما يشبه اللعب، وتجردت من الطريقة والأسلوب الممل الذي كان يجعل الطالب يرغب بالهروب أو النوم أو القيام بأي شيء عدا التركيز.

ويوما إثر آخر عزيزي المعلم يمكنك أن تخلق جيلا يرغب في العطاء، ويرغب في الوصول إلى أقصى قمم النجاح، وذلك بعد اكتشافه جانب المتعة والتشويق في التدريس. وباتباعه لهذه الأساليب سيجعل من رحلة التعليم الشاقة مجرد رحلة لعب ومتعة، وفي نهاية اللعب سيكتشف مدى الفائدة التي تحصل عليها بطريقة مبدعة وخلاقة.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *