إستراتيجية الفصل المقلوب
إستراتيجية الفصل المقلوب

إستراتيجية الفصل المقلوب: ماهي, العيوب، وأثر استخدامها في التعليم عن بعد

إستراتيجية الفصل المقلوب – في حقيقة الأمر؛ ووفقا لحجم التأثير العام، وكذلك حجم التحصيل الكليّ لدى الطلاب؛ تعتبر إستراتيجية الصف المقلوب واحدة من أهم وأميز الإستراتيجيات التعليمية، التي تعتمد في أسلوبها على التكنلوجيا، وعلى الأساليب الحديثة التي تقدم المعلومة للطالب في قوالب مختلفة، لكنها خلاقة ومؤثرة بشكل كبير في نفس الوقت على الفهم العام وترسيخ المعلومات.

ونظرا لهذه الأسباب فإن إستراتيجية الصف المقلوب واحدة من أنجح الأساليب التعليمية، التي تنتشر بشكل واسع في معظم البلدان ومدارس العالم المختلفة. حيث يتم تطبيقها في معظم دول أوروبا وأمريكا؛ كذلك بدأت بعض المدارس في المملكة العربية السعودية تعتمد عليها، وذلك بفضل بعض جهود المعلمين، وبحثهم وسعيهم الجاد؛ لمواكبة التطور الذي يتبعه العالم، في خلق وسائل بديلة وفعالة، من شأنها زيادة التحصيل العلمي للطلاب؛ مقارنة بوسائل التعلم التقليدية.

ما هي إستراتيجية الفصل المقلوب

إن إستراتيجية الفصل المقلوب، هي إستراتيجية تعتمد في جوهرها على استخدام التقنيات الحديثة، والاعتماد على شبكة الإنترنت.

حيث يقوم المعلم بإعداد الدرس عن طريق ملف صوتي، أو عبر مقاطع الفيديو، وغيرها من الوسائط المتعددة. ومن ثم يطلب من الطلاب الإطلاع على هذه المحاضرة في المنزل، والتي تم تقديمها على هيأة فيديو؛ وذلك باستخدام أجهزتهم الذكية، وعليهم مراجعة كل أجزاء المحاضرة، وبناء المفاهيم التي طلبها المعلم حولها؛ وذلك قبل الحضور إلى الفصل.

بعد ذلك، وفي الفصل الدراسي، يتم تخصيص وقت معين لمناقشة الأفكار التي طُرحت في المحاضرة، والمناقشة حولها بشكل مستفيض وواسع. ومن هنا يمكننا أن نلاحظ أنه هذه الوسيلة هي عكس الوسائل القديمة التي كانت تقدم المحتوى في المدرسة؛ ومن ثم يطلب من الطلاب إكمال الواجبات المدرسية في المنزل. ومن هنا جاءت تسمية الفصل المقلوب.

وكما ترى عزيزي القارئ فإن إستراتيجية الفصل المقلوب توفر الوقت للمعلم أثناء الحصة؛ وتعطيه مساحة كبيرة، تمكنه من تقييم مستوى الطلاب في وقت وجيز، والوقت المتبقي من الحصة يستغله في تقديم الدعم للطلاب الذين تبين أن لهم بعض القصور في الاستيعاب والفهم؛ وبهذه الطريقة يمكننا أن نرى أن المعلم قد راعى الفروق الفردية بين طلابه، ولم يعاملهم بطريقة واحدة، وإنما فلتر الفصل بطريقة خلاقة، وعالج القصور في وقت وجيز وبطريقة مثمرة ومختلفة، وبالتالي ستكون مستويات الفهم والتحصيل العلمي للطلاب متقاربة، وعالية في نفس الوقت، وفي حقيقة الأمر؛ إن عملية الاعتماد على تسجيل مقاطع الفيديو للمحاضرات واتاحتها للطلاب هي شيء مثمر؛ وله فوائد كبيرة على مستوى التحصيل العام، حيث يسهل للطلاب الوصول إلى هذه المحاضرات في أي وقت ومراجعة محتواها كيفما اتفق.

أثر استخدام الإستراتيجية في التعليم

إن الأثر الذي تخلقه إستراتيجية الفصل المقلوب على مستوى الفهم العام، وعلى مستوى التحصيل الأكاديمي؛ هو أثر كبير وواضح وذلك حسب الدراسات العلمية الدقيقة. وفي نقاط مقتضبة يمكننا أن نتطرق لبعض الأثر المستخلص من هذه الإستراتيجية:

  • تساعد هذه الإستراتيجية الطالب؛ وتمنحه كل ما يحتاجه لترسيخ الفهم، وتتيح له إمكانية مراجعة مادة الدرس عبر مقطع الفيديو المحفوظ، وفهم كل نقطة، وكل جزء من الدرس وتكرارها وإعادتها حتى تترسخ في ذهنه بشكل كامل ومفهوم. وهذا لا يحدث في وسائل التعليم التقليدية التي تجعل من الطالب محض متلقي ومستمع، وتجعله بمثابة وعاء أجوف؛ يسكب فيه المعلم شروحاته، التي قد لا يتفاعل معها الطالب وقد لا يستوعبها، كذلك في حال أقل شرود أو غفلة من الطالب؛ يمكن أن تفوته أجزاء ونقاط هامة من الدرس.
  • إن ملفات الفيديو والصور من شأنها أن تساعد الطلاب الخجولين الذين لا تتوفر عندهم الشجاعة الكافية، لطرح الأسئلة على المعلم في حال فاته شيء من الدرس، أو اختلط في عقله شيء يحتاج تدخلا من المعلم، لكن عبر إستراتيجية الفصل المقلوب سيكون أكثر راحة، وأكثر قابلية للفهم.
  • جذب الطلاب وتشويقهم للدرس، وذلك عبر الأشكال والألوان والصور التي توفرها الفيديو، مما يساعد المعلم في توضيح المصطلحات والتعريفات وعرض الأشكال الهندسية، وضمان وصول المعلومة لذهن الطالب ورسوخها.
  • إستراتيجية الفصل المقلوب تساعد بدرجة كبيرة من تخفيف الضغط الممارس على المعلم. حيث أن الأثر الكبير لهذه الإستراتيجية قد وفر الوقت والجهد للمعلم، ولن يتعين عليه البحث في أروقة المراجع والكتب؛ لتحضير مادة الدرس، وإنما يتلخص دوره في وضع العناوين الأساسية والضرورية، وإعطاء نقاط مهمة، ورؤوس الخيوط التي ينبغي للطلاب أن يتمسكوا بها، ويستعينوا بها، وبعد ذلك يكمُن دوره في الإرشاد والتوجيه وتقديم الدعم.
  • تعزز التفكير الإبداعي، وبناء الحس النقدي، واكتساب مهارات التواصل والتعاون بين الطلاب، وذلك بالأنشطة الجماعية التي تتم داخل الفصل.
  • لا ينبغي للطلاب الذين يعانون من قلة التركيز، ومن قلة الحضور، ومن انخفاض مستوى الحفظ، ليس عليهم أن يتحسروا، ويأكلهم القلق، لأنه لن يتعين عليهم تكديس المعلومات أثناء الحصة، كما في الوسائل التقليدية، وإنما سيكتسب مهارات جديدة عبر البحث الذي يجريه، وعبر المناقشة التي تتم في الفصل، حيث عبر هذه الأنشطة ستتوسع مدارك فهمه، وقوة ملاحظته، وستنعكس في ثقته بنفسه أولا، وفي تحصيله العلمي ثانيا، حيث سيكون أثر الإستراتيجية كبيرا عليه، حيث شمل الجانب الشخصي له وعزز من نقاط قوته الشخصية؛ كذلك على صعيد التحصيل الأكاديمي.

ما هي سلبيات إستراتيجية الفصل المقلوب؟

من البديهي أن تكون هنالك سلبيات حول معظم الأشياء التي نستخدمها في حياتنا اليومية بدءا بالتكنولوجيا وعوالم النت، وغيرها من التطبيقات ووسائل التعليم المختلفة، كما أن لها من المميزات ما لا حصر لها، وهذا شيء حتمي لوجود الشيء وضده. وفي سبيل المثال لا الحصر يمكننا أن نتطرق لبعض سلبيات إستراتيجية الفصل المقلوب:

  • عملية صناعة الفيديو قد تستغرق الكثير من الوقت، وتحتاج إلى الكثير من الشرح، خصوصا عند تطبيقه في المرة الأولى.
  • قد لا تتيح الإستراتيجية للمعلم من التعرف على مدى استيعاب الطلاب للشرح المقدم عبر الفيديو؛ خصوصا أن متابعة الفيديو حول الدرس تتم في المنزل، ونظرا لحتمية وجود فروق فردية بين مستويات الفهم لدى الطلاب، وحجم الشرود المتفاوت، فإن هذه الإستراتيجية قد تقلل حجم الفائدة العامة المستخلصة من الدرس، خصوصا لأصحاب التحصيل الأكاديمي المنخفض.
  • يظهر نوع من الإحباط لدى الطلاب، وعدم الرغبة في التعليم عبر إستراتيجية الفصل المقلوب، وكذلك عبر الوسائل التي تعتمد على الفيديو والتكنلوجيا بشكل عام، ويظهر عندهم نوع من التراخي حيال هذه الأساليب التعليمية الحديثة.
  • إن عملية صناعة الفيديو بشكل لائق وجذاب تحتاج إلى معرفة واسعة ببرامج تحرير الفيديو، وبرامج معالجة النصوص، وبلا شك إن من الصعوبة بمكان أن تجد فصلا كاملا من الطلاب أو المعلمين على دراية باستخدام هذه الوسائل أو صناعتها.
  • عدم توفر الأجهزة الذكية عند جميع الطلاب.
  • هذه الإستراتيجية قد لا تكون ملائمة لجميع المواد، ولا يمكن تطبيقها عليها، وجني الفائدة منها، مثل مادة الرياضيات التي تتطلب قدرا من الحضور المباشر للمعلم، والوقوف بعد ذلك قرب طلابه وتقديم الدعم المباشر لهم؛ في حال واجهتهم صعوبة في استيعاب بعض المسائل الرياضية المعقدة.
  • نظرا لأن التكنلوجيا تكون صعبة الاستخدام لبعض فئات المجتمع، ممن لم يحظوا بالتعليم الكافي، ستكون هنالك مصاعب لبعض الأسر التي لا تجيد استخدام الحاسوب، فبالتالي قد يجد بعض طلابهم الصعوبة في بداية الأمر، وقد لا يجدوا من يساعدهم في الوصول إلى محركات البحث والويب، والعثور على الفيديو المخصص المنشور على الصفحات المختلفة، خصوصا إن كان طالبا بالمرحلة الإبتدائية، وبلا شك قد تكون هذه المسألة بمثابة عائق حقيقي لبعض الأفراد.

في النهاية، ينبغي على المعلمين الاهتمام بإستراتيجية الفصل المقلوب ما أمكن، ومحاولة تجربتها في بعض الفصول، وتغيير نمط السلوك التقليدي ومحاولة التغيير والاعتماد على التكنلوجيا في فصولهم الدراسية. بعد ذلك وخلال فترة وجيزة يمكنهم أن يلاحظوا الفرق، وأن يكتشفوا أثرها على الطلاب، وعلى أدائهم كمعلمين، وعلى التحصيل العلمي وبناء القدرات لطلابهم، لأن هذه الإستراتيجية بمثابة مصدر إلهام للكثير من المعلمين الأكفاء حول العالم.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *