التعليم المستمر
التعليم المستمر

التعلم المستمر : المفهوم، المراحل، الأهمية، العيوب، والفرق بينه وتعليم الكبار

التعلم المستمر – عملية التعلم ولأهميتها البالغة لكافة الأفراد بكل الفئات العمرية والتخصصات العلمية، لا تقتصر على فترة محددة من حياة الفرد بل يستمر الإنسان في التعلم والتطور واكتساب المهارات منذ نعومة أظافره وعاماً بعد عام وفقا لاحتياجاته الفكرية والمادية التي تزداد كلما ازداد عمره وتتطور بتطور المجتمع حوله، فتجد الشخص الذي يحرص باستمرار على تطوير مهاراته وتخصيص الوقت لاكتساب العلوم الجديدة ومواكبة كل ما جد في مجاله نجده فردا فاعلا في مجتمعه وفي مجال تخصصه، مُواجهاً للتغيرات والمستجدات التقنية والاجتماعية والحضارية، مما ينعكس على شخصية الفرد ووعيه ويزيد من فرص حصوله على الدرجات والشهادات العلمية وبالتالي تزداد فرص التأهيل والترقية المتاحة له والإرتقاء بمستوى العمل الموكل إليه.

كل ذلك ينعكس بالإيجاب على المجتمع حيث أجمع الخبراء على أن استمرار عملية التعلم أو ما يصطلح عليه ب”التعلم المستمر” يعتبر عنصراً أساسياً وعاملاً ضرورياً لتحقيق الترابط الكامل بين الإنسان وبيئته وإنمائها وتطوير طاقاتها ومواردها بما يحقق الإستفادة القصوى منها. فما هو التعلم المستمر؟، وما هي مراحله وآلياته؟، وما خصائصه ومزاياه؟، وما الفرق بينه وبين تعلم الكبار أو محو الأمية؟، هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور التالية:

مفهوم التعلم المستمر

يقصد بالتعلم المستمر أي تعليم أو تدريب أو تأهيل يتلقاه الفرد بعد تجاوزه المرحلة الثانوية والتي تعتبر نهاية مراحل التعلم الرسمي المتفق عليها، ويقوم التعلم المستمر على مبدأ التعلم مدى الحياة، حيث يقوم فيه الفرد بالمبادرة ذاتيا والسعي لتحصيل المعارف والعلوم المختلفة وتطوير وممارسة المهارات التي تعلمها سابقا بهدف الوصول إلى الاحتراف والتمكن في مجال عمله وفي مجالات الحياة بشكل عام.

وقد يتلقى الشخص التعلم المستمر بصورة فردية مستقلة بمتابعة الدورات والبرامج والمؤتمرات العلمية التي تعقد عبر الانترنت، أو من خلال الإنضمام للمنظمات والمراكز التدريبية والكليات والجامعات وغيرها من المؤسسات التي تقدم تعلما مستمرا، وقد يحصل في نهاية فترة الدراسة أو التدريب على شهادة معتمدة من المؤسسة، كالحصول على شهادة البكالاريوس أو الدبلوم من الجامعة، كما قد يكون التعلم المستمر برنامجا مكملا للشهادات التي حصل عليها الشخص مسبقا.

مراحل التعلم المستمر

استنادا إلى الدراسات التي تناولت موضوعات التعليم نجد أن مسيرة المتعلم في طريق التعلم المستمر تتمرحل خلال أربعة مستويات أساسية وهي:

  1. المرحلة الأولى من التعلم المستمر هي مرحلة التعلم قبل المدرسي خلال الطفولة المبكرة وحتى عمر الخمس سنوات، وتمثل أساس القدرات والمهارات التعلمية كأساسيات الرياضيات وتركيب الجمل والكلمات، حيث يلتحق جميع الأطفال بهذه المرحلة إجباريا وتعتمد عليها المراحل التالية اعتمادا تاما.
  2. المرحلة الثانية من التعلم المستمر هي مرحلة التعلم ما بين عمر ستة أعوام وحتى عمر أربعة وعشرين عاما، يلتحق خلالها المتعلم بالمدارس العامة ويتمرحل بين مراحلها المختلفة ومتطلباتها الدراسية التي تختلف من مرحلة إلى أخرى.
  3. المرحلة الثالثة من التعلم المستمر هي بداية التعلم الإختياري، فهي مرحلة مستقلة غير اجبارية ولا تعد امتدادا للمراحل التي سبقتها، و تمتد هذه الفترة من عمر 25 وحتي عمر 60 سنة، يستمر خلالها المتعلم بتلقي العلوم الأكاديمية باختياره كما يمكنه الاكتفاء بما تلقى من خبرة.
  4. المرحلة الرابعة هي آخر مراحل التعلم المستمر، تعتمد على المرحلة التي سبقتها وبوصول المتعلم إلى هذه المرحلة من التعلم المستمر يصبح ملما بأكبر قدر من المعارف والعلوم. وهي مرحلة ما بعد الستين عام.

أهمية التعلم المستمر

تكمن أهمية التعليم المستمر في المنافع والفوائد الجمة التي تنعكس على الفرد وعلى المؤسسة أو الشركة أو المنظمة التي يعمل بها، فيعود بالنفع على الفرد في شخصه وفي مجال عمله وعلى المجتمع ككل؛ إذ به يتحسن أداء الفرد الذي يشكل العامل المنتج في المؤسسة وكلما ازداد عدد الموظفين مستمري التعلم بالشركة كلما ازدادت فرص نجاح الشركة وتطور أدواتها وجودة أدائها.

كما أنه بالتعلم المستمر تقل التكاليف الواقعة على عاتق الشركة حيث أن فاعلية الموظفين وتمكنهم وتعدد خبراتهم تجعل المؤسسة تكتفي بعدد قليل منهم دون الحاجة لتوظيف كوادر إضافية.

أما بالنسبة للأفراد فيساعد التعلم المستمر على تطويرهم سواء على المستوى الشخصي أو المهني، فبالتعلم المستمر يكتسب الشخص المعارف اللازمة ما يؤدي إلى تجويد أداءه الوظيفي والشخصي وبالتالي يقرب من وصوله إلى المنصب الذي يطمح إليه من خلال الترقية المستمرة والحصول على الشهادات والمحافظة على مستوى أداءه الوظيفي بالإضطلاع المستمر على مستجدات مجاله وتطوراته فيكون بذلك مواكبا ملماً بكل ما يلزم.

خصائص التعلم المستمر

يتميز التعلم المستمر عن غيره من أنماط التعليم الأخرى بعدد من الميزات منها:

  • أهم ما يميز التعلم المستمر عن غيره هو شمولية منهجه واتساع مجالاته، فهو يفتح أمام المتعلم أبواب المعارف المختلفة في مختلف المجالات العلمية والأدبية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها.
  • بالتعلم المستمر يعزز الفرد من قدراته الذهنية ويقوي مهارات الذاكرة بتكرار الحفظ والفهم ويحافظ علي هذه القدرات حتى سن متقدمة.
  • يزيد التعلم المستمر من ثقة الفرد بذاته ويشجعه على الاستمرار بالتعلم والتواصل وتبادل المعلومات مع المتعلمين في مختلف المجالات مما يعزز مشاركة الفرد في المجتمع.
  • يتميز التعلم المستمر أيضا بسهولة الحصول على مواده الدراسية وإتاحتها لكافة المتعلمين.

عيوب التعلم المستمر

عملية التعلم المستمر وعلى أهميتها ومزاياها المتعددة إلا أن العديد من المعيقات تقف في طريق تطوره واستمرار تلقيه؛ كمشاكل ضيق الوقت وتضاربه مع الإلتزامات الأخرى وقلة المحفزات والدوافع التي تدفع بالمتعلم للإستمرار، إضافة للمعيقات المادية التي تحول دون تطويره وعدم تقبل الكبار له، كما يشكل غياب أدوات المتعة وقلة المشاركة والحضور في دورات ودروس التعليم المستمر عائقا آخر أمام الراغبين بتلقيه.

الفرق بين التعلم المستمر وتعليم الكبار

تعددت تعريفات المختصين وأقوالهم حول تعليم الكبار فيعرفه البعض بأنه النظام التعليمي المقدم خارج إطار المؤسسة التعليمية وبناء على ذلك فهو يشمل تعليم الأميين الذين لم يسبق لهم اللإلتحاق بأي مؤسسة ولم يتلقوا أدنى حد من المعرفة، ويشمل الذين تلقوا التعليم لفترة محدودة ولم يكملوا مراحله كما يشمل الذين أكملوا كافة المراحل الدراسية.

وعلى ضوء هذا التعريف نستطيع أن نقول بأن تعليم الكبار يدخل ضمن مفهوم التعلم المستمر، فتعليم الكبار قد يبدأ من سن الخامسة عشر أو من محو الأمية ويستمر طوال حياة الشخص. بينما يعرف في إطار آخر بأنه إعادة تأهيل فئات المجتمع العمرية المتقدمة والذين تتراوح أعمارهم بين أربعين إلى سبعين عام أو أكثر، وتمليكهم المعارف الأساسية بما يقلل الفجوة بينهم وبين فئات المجتمع الأصغر سنا. كما أن تعلم الكبار غالبا ما يتم تحت ضغوط رسمية ولا نجد للوظيفة ارتباطا مباشرا به.

يحتاج التعلم المستمر إلى مبادرة ذاتية يتبعها إلتزام المتعلم وجعل أولوية وقته للتعلم، كما يُنصح بتحديد الأهداف والتخطيط لتحقيقها وفق فترة زمنية مناسبة إضافة إلى مراعاة الإنتقائية في المصادر التي يعتمد عليها المتعلم في تلقي المعرفة واقتفاء المحتوى المحدث مع تجربة أساليب جديدة ومشاركتها مع الآخرين لكسر حاجز الملل وتحديد أكثر الطرق ملائمة لشخصيته ولمجال دراسته.

شاهد أيضاً

استراتيجية العصف الذهني

استراتيجية العصف الذهني: كيف تُعزِّز التفكير الإبداعي وتُحسّن التواصل في التعليم؟

استراتيجية العصف الذهني في التدريس هي عبارة عن تقنية تهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتعزيز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *